الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية الاستاذ "مـعـطــر" يتحدّث عن المرزوقي ومجموعة القصر وعن مستقبل المؤتمر ومسخرة حاوية البلجيكي

نشر في  24 فيفري 2016  (10:38)

حادثة الحاوية البلجيكية مسخرة وطنية و«المؤتمر» دفـع فاتـورة توليـه مناصـب وزارية في التـرويكـا..

• التعايــش مع «جماعة القصر» زمــن الـمرزوقي بــات مستحيلا.. ومـــا فعلــــوه مخالف للأخــــــلاق السياسية

عقد المجلس الوطني لحزب «المؤتمر من أجل الجمهوريّة» مؤخرا اجتماعاً استثنائياً بحضور مؤسس الحزب ورئيسه الشرفي منصف المرزوقي، ليقرر خلاله «إدماج الحزب بحراك تونس الإرادة حال تحصّله على التأشيرة القانونيّة وفق الفصل 47 من النظام الداخلي للحزب. وتكليف رئيس المجلس الوطني زهير إسماعيل والأمين العام عماد الدايمي بمتابعة إجراءات الاندماج ونقل ممتلكات المؤتمر إلى الهيكل الجديد حزب حراك تونس الإرادة.
وقد اثار هذا القرار معارضة كبيرة من قبل بعض مؤسسي حزب «المؤتمر»، الذين دعوا لإنقاذ الحزب محذرين من محاولة «اغتياله» سياسياً. وفي هذا الاطار ارتأت اخبار الجمهورية لقاء الاستاذ عبد الوهاب معطر وزير التكوين المهني والتشغيل في عهد الترويكا، والذي يعدّ من أبرز المعارضين لهذا القرار الذي وصفه بمحاولة اغتيال الحزب سياسيا للحديث عن ملابسات هذه العملية، وقد كشف لنا عن العديد من المسائل تطالعونها تباعا في هذا الحوار:

- في البداية، لو توضّح لنا أصل خلافاتكم «السياسية» مع المنصف المرزوقي؟
أصل الخلاف ابتدأ منذ نتائج الانتخابات التشريعية والتي سجّلت تراجعا دراميا لنتائج حزب المؤتمر من أجل الجمهورية- رغم فوزنا بأربعة مقاعد- ، ولعلّ ذلك مرتبط بنسق تراجع كامل الأحزاب الديمقراطية التي كانت تناضل ضد الدكتاتورية كالمؤتمر والتكتل والجمهوري إلى غير ذلك.
حيث شاهدنا أنّ كل هذه الأحزاب التي ناضلت ضد الدكتاتورية، قد وقعت عملية مسحها خلال الانتخابات عن طريق ما سمّي بالتصويت المفيد (Le vote utile) الذي أدى إلى صعود المنظومة القديمة بفضل «ماكينات» المال والدمغجة،  لذلك أطلقنا على الانتخابات التشريعية الفارطة اسم «اكبر عملية تحيل في التاريخ».
- وهل هنالك أسباب داخلية حزبية؟
بالفعل، تراجع نتائج المؤتمر في الانتخابات التشريعية يعود ايضا إلى أسباب داخلية عميقة تمثّلت في الفراغ الحزبي الذي أحدثه انتقال أغلب قيادات الحزب إلى العمل الحكومي منذ سنة 2011، وذلك مع كل من حركة النهضة والتكتل بعد أن وجدنا أنفسنا في السلطة لقيادة المرحلة الانتقالية..
وقد أدّى ذلك الفراغ إلى عدم تنظيم هياكل الحزب وعدم فتح مكاتب جديدة،  وهو ما ادّى أيضا إلى عدم نشر الديمقراطية به كما ينبغي خاصة أنّه في ذلك الوقت لم تكن له الآليات الكفيلة لصنع «الماكينة» الحزبية.
وبالتزامن مع ذلك كان المرزوقي هو مرشّحنا في الانتخابات الرئاسية التي تنافس فيها مع الباجي قائد السبسي وخاصة في الدورة الثانية التي شاهدنا فيها زخما والتفافا كبيرا حول المرزوقي.
في ذلك الوقت فكرنا داخل الحزب وخارجه وبالاتصال مع عديد الشخصيات الوطنية لخلق ما يسمى بالجبهة الاجتماعية الديمقراطية المتمثلة في الحاضنة السياسية التي تلمّ شمل كل الأطراف حتى وان لم ينجح المرزوقي في الانتخابات.
وفي هذا السياق أعلن المرزوقي عن خلق  الجبهة الاجتماعية الديمقراطية وسماها «حراك شعب المواطنين» لكنه وقع بعد ذلك الانقلاب على المشروع وتشويهه وهذا هو أصل الخلاف.
- وكيف تقيّمون إذن علاقتكم اليوم مع المنصف المرزوقي؟
حقيقة، تربطني علاقة إنسانية وعائلية متينة بالمنصف المرزوقي، حيث انه كان يمضي أياما في منزلي وكنا نناضل مع بعضنا البعض. لكن ورغم فتور العلاقة اليوم وعدم وجود تواصل مباشر بيننا لأن هنالك من له مصلحة في منع هذا التواصل، فإنّه من الناحية الإنسانية لا أكنّ للمرزوقي سوى الاحترام.
أمّا من الناحية السياسية، فقد كنت أتمنى له نظرا للحصاد الذي جناه عبر الانتخابات الرئاسية أن يكون زعيما وقائدا للجبهة الاجتماعية والديمقراطية لحراك شعب تونس.
 وكنت أتمنى منه أيضا أن يقول اليوم للشعب انه فشل في تجسيد حراك شعب المواطنين وسيعطي للشباب المشعل، عوض أن يخلق حزب الإرادة الذي لا يعدّ أن يكون سوى حزب صغير.
وكنت أتمنى أيضا منه عدم الموافقة على حل المؤتمر من أجل الجمهورية، لأنه بُني بالعرق والدم والمضايقات ومن غير المقبول أن يحلّ بتلك الطريقة..
وفي هذا الإطار إما إن يكون المرزوقي واعيا وموافقا عمّا فعله الآخرون وفي هذه الحالة فاني لن استثنيه منهم سياسيا، وأما العكس، وفي هذه الحالة انتظر منه أن يرجع إلى طريق الجادة ويحافظ على المؤتمر.  
- في هذا الخصوص، اتهمت من وصفتهم بجماعة قصر المرزوقي «ويتزعمهم عدنان منصر» بالسطو على فكرة حراك شعب المواطنين وقتله ومحاولة اغتيال المؤتمر، لو تفسر ذلك؟
لقد اعتبرت ومازلت أعتبر أن حراك شعب المواطنين بمثابة قصب الخلاص لتونس، لذلك كان من المفروض أن تقع إحاطته بكل أسباب النجاح خاصة أنّه لم يكن لدينا الحق في الخطأ أبدا. لكن وللأسف الشديد فبعد أن وقع الإعلان عن هذا المشروع الوطني  في شهر ديسمبر 2014 سرعان ما ظهرت مؤشرات تعثره ولذلك فقد صرحت شخصيا خلال شهر فيفري 2015 أمام وسائل اعلام أن فكرة حراك شعب المواطنين ولدت ميّتة رغم أهميتها..
- ولماذا؟
بسبب طريقة إخراجها وتنزيلها والتي اعتبرت من قبل الجموع المساندة للمرزوقي ـ من أحزاب وجمعيات ـ أنها مسقطة عليهم، حيث لم يقع «تنضيج» الفكرة ولا التشاور معهم. وأنت تعلمين أنّه في تونس لا يمكن  لفكرة مهما كانت جميلة أن تلقى النجاح، إن لم يقع  اشراك كل الأطراف في مناقشتها وتطويرها.
بالإضافة إلى ذلك فان من كلّفوا من قبل المرزوقي وأغلبيتهم من جماعة القصر (الدايمي ومنصر والكحلاوي..و غيرهم) لم يحسنوا تنزيل هذه الفكرة بل أنهم تعاملوا معها وكأنهم يسعون إلى إجهاضها. وهو ما دفعنا خلال شهري فيفري ومارس 2015 إلى محاولة تصحيح المسار ولم الشمل والتصدي لمحاولات الالتفاف على  فكرة ومبدأ حراك شعب المواطنين لكن هذا اعتبر منهم وكأنه إستعداء للقائمين على حراك شعب المواطنين .
وأذكر انّه وقع اتهامي من قبل المكتب السياسي للمؤتمر بأنني قد «سحلتهم» ـ وهذه كلمتهم ـ، لذلك أصبح التعايش في المكتب السياسي أمرا مستحيلا وعلّقت بذلك النشاط أنا وسمير بن عمر بعد أن أكدنا لهم أننا لن نكون شاهدي زور على إجهاض أفضل مبادرة كانت ستنقذ البلاد.
- هنالك من يقول انّ تصريحاتك «المعارضة» لحراك تونس الإرادة تعود إلى إقصائك وعدم وضعك في المكانة التي رغبت بها؟
هذا غير صحيح، حيث أنني كنت من أول القائلين والداعين لإحداث جبهة وطنية لقوى الثورة وهي بالذات فكرة حراك شعب المواطنين.
كما أنني كتبت رسالة إلى المرزوقي صحبة سمير بن عمر بتاريخ 15 مارس 2015، أي قبل تعليق نشاطنا من المكتب السياسي. كشفنا فيها عن الأسباب التي ستؤدي إلى إفشال هذا المشروع، وطلبنا منه ضرورة التدخل لتصحيح المسار. وبالتالي لسنا طلاب مواقع ولا مناصب، فنحن مناضلون في عهد بن علي منذ 2001 وقد فرطنا في كل شيء من أجل ذلك النضال.
- صرّحت في إحدى المداخلات الإعلامية بأن تمويلات المؤتمر من أجل الجمهورية صندوق أسود مفتاحه بيد عماد الدايمي، فماذا قصدت بذلك؟
عندما اتخذ قرار حل المؤتمر ودمجه في الحراك قسرا وعنوة وتمّ الإعلان عن ذلك في شهر فيفري، ولما اطّلعنا على القرارات التي تقول انه سيقع دمج المؤتمر في الحراك وتحويل ممتلكاته إلى حزب الإرادة فالسؤال الذي يطرح نفسه يدور  بالأساس حول الاستفسار عن ماهية هذه الممتلكات ومصادرها وكيف وقع التصرف فيها. لذلك قلنا إن هذه المسألة بمثابة صندوق أسود لا يعرفه سوى عماد الدايمي.
- لماذا؟
لأنه هو الأمين العام للحزب، وكما تعلمون أننا كنا خلال الأربع سنوات الماضية منشغلين بالعمل الحكومي. وعندما خرجنا منه تخالفنا معه في المكتب السياسي وهو ما دفع بنا إلى تعليق النشاط.. مع العلم أنّ محاضر جلسات الحزب تشهد على مطالبتنا بكشف تمويلات الحزب خاصة بعد أن لاحظنا عدم خضوعها إلى الشفافية.
تجدر الإشارة إلى أن عملية السطو على حزب المؤتمر من اجل الجمهورية وتحويل ممتلكاته إلى حراك الإرادة، فيها كل مواصفات مخالفة الأخلاق السياسية العليا.
- هل تعتبر انّ هنالك أموالا أجنبية انتفع بها الحزب؟
أنا لا استطيع أن أجزم بشيء، فالإنسان يجب أن يكون مسؤولا، في كل المعطيات التي يقدّمها..
- قال مراد النوري انّ راشد الغنوشي تدخل شخصيا لفض الخلاف بينكم وبين المرزوقي وذلك بسبب تخوفه من تهديدك بنشر ملفات خطيرة تطال النهضة؟
(ضاحكا): هذا هوس ومزايدات، ولا صحّة لهذا الحديث فلم يتصّل بي أي طرف.
 - بالعودة الى الحديث عن المنصف المرزوقي، وبحكم علاقتك المقربة السابقة معه، نراه دائم الدفاع عن دولة قطر، فحسب رأيك ماهي علاقته معها؟
حقيقة أنا اعلم أن المرزوقي رجل مبادئ ولا استطيع أن أصدق أنه يصبح عميلا لدولة أجنبية، يصعب أن أتصور أن للمرزوقي علاقة خاصة بقطر بل أجزم أنه لو تقوم قطر بعملية ضد الفلسطينيين، مثلا فسيكون المرزوقي أول من يندد بها. فنحن الذين أسسنا المؤتمر خلقنا من نسيج خاص وحاربنا الفساد والعمالة للأجنبي وناضلنا فقط من أجل الوطن.
- بعيدا عن السياسة، كيف تعلّقون على حادثة حاوية السلاح وإطلاق سراح صاحبها البلجيكي؟
لو كنت اطلعت على الملف وحيثياته، لأجبت كمحام عن هذا السؤال. لكن ما ألوم إدارة الديوانة عليه هو طريقة تقديمها  للحادثة للرأي العام وكذلك التناقض بين روايتها ورواية القضاء، فالديوانة قالت لنا أنها عملية خطيرة وذات شبهة إرهابية ثم بعد ذلك تبيّن أن الأسلحة مجرد العاب. هذا يعتبر مسخرة وطنية ان دلت على شيء فإنّما تدل على ان الدولة تعيش حالة من التفكك والانفلات نتيجة لرجوع المنظومة القديمة التي من مصلحتها أن يكون الوضع على ماهو عليه اليوم.
- كلمة أخيرة في نهاية هذه المصافحة؟
أطالب من القوى الديمقراطية أن تساندنا في معركتنا من اجل الإبقاء على المؤتمر من أجل الجمهورية، لأنها معركة شرعية ندافع من خلالها عن أنفسنا وعن وجودنا. كما أتوجه برسالة إلى رفاق وأصدقاء الأمس ليعودوا إلى الجادة ويذهبوا إلى حراكهم، وسنكون من أول الداعمين لهم والمصفقين لنجاحهم. وليتركوا المؤتمر فله رجال ونساء قادرون على تسييره وحتى ان فشلوا في ذلك فلا يتحمل هؤلاء وزر قتله..

حاورته: منارة تليجاني